كذلك أيضا علينا إصلاح النية، والقصد في تعليم أولاد المسلمين، ونعرف أنهم أمانة عندنا، وأن أولياء أمورهم وكلوا تعليمهم إلينا بعد الله تعالى، فإذا كان كذلك، فإن علينا أن نراعي هذه الأمانة، التي أخذ الله علينا العهد بها، أخذ الله تعالى العهد على عباده، وقال تعالى: وَأَوْفُوا بِالْعَهْدِ إِنَّ الْعَهْدَ كَانَ مَسْئُولًا
فأنت قد تعهدت بأن تؤدي ما تعلمه، وأن تنصح لأولاد المسلمين، كذلك أيضا أخذ الله علينا الأمانة، ومدح الذين يؤدونها، قال الله تعالى:
وَالَّذِينَ هُمْ لِأَمَانَاتِهِمْ وَعَهْدِهِمْ رَاعُونَ
ولا شك أيضا أن هذا من النصيحة لأفراد المسلمين، ولعامتهم، ولخاصتهم، أي: من النصيحة لهم أداء ما ائتمن عليه، والحرص على مصلحة المسلمين في تعليمهم العلوم النافعة، التي إذا تعلموها، وحملوها قاموا ببثها، وقاموا بالعمل بها، وتطبيقها، ونفعهم الله تعالى، وانتفعوا بذلك، ثم أيضا يكون ذلك سببا في أن يبقى أجر ذلك المعلم الذي بذل هذه العلوم، يبقى أجره بعد موته، لا ينقطع له الأجر، تذكرون قول النبي -صلى الله عليه وسلم-
إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث: صدقة جارية، أو علم ينتفع به، أو ولد صالح يدعو له
فالعلوم التي تعلمها هؤلاء التلاميذ منك يبقون يعملون بها، ويذكرونك، ويدعون لك، ويعترفون بفضلك، ولسان أحدهم يقول:
إذا أفــادك إنســان بفــائـدة | مـن العلـوم فـلازم شكـره أبدا |
وقـل فلان جـزاه اللـه صـالحة | أفـادنيهـا وألق الكـبر والحسـدا |